قصة الضيف الطمع2020



قصة الضيف الطمع 2020

كان يسكن في مدينة عراقية هادئة، تُطل على نهر دجلة والمزارع المزهرة الجميلة، نجار بارع ونشيط اسمه اسامة. تتألف عائلة إسامة من زوجته وأولاده الثلاثة : محمد وحيدر  ورقية . النجار إسامة يحب عائلته كثيرا، كما يحب مهنته، ويقوم به بشغف كبير، فهو لا يمل طول النهار، فلا يمر بشرا بالقرب من  (مصنع النجارة )، إلا ويلاحظ قوة هذا النجار، ويسمع صوت قدومه: طك..طك..طك، أو خشّة منشاره؛ شوج.. شوج.. شوج. فيقف هؤلاء الناس ينضرون بتعجب على ما يفعله هذا النجار، من علب و أبواب وشبابيك وغيرها من المصنوعات  التي يحتاجها كل منزل، ويعجبون بمهارته ورزانة مصنوعاته وقوتها ويشكرونه على عمله وسرعة  يده.

كان هذا النجار الصالح كلما انجز صنع مايطلبه منه الناس من معدات ولوازم خشبية لمنازلهم ومحلاتهم التجارية، حملها وترك القرية إلى المدينة القريبة ليسلمها إلى أصحابها، ويتقاضى منهم ثمنا فيمتلئ جيبه بالنقود فيشتري لأبنائه الخضروات واللحموم والفواكهة ، ثم يعود إلى بيته فرحا.

كان اسامة النجار يشتري الفواكهة والخضروات من محل صديق اسمه احمد. دعاهُ يوماً لزيارته في قريته فسُر احمد كثيراً من هذه الدعاء، وفي آخر الأيام ركب احمد بغله واتجه إلى قرية صديقه اسامة النجار، وصل احمد  إلى بيت إسامة  وطرق الباب بالعصى . ففتح له إسامة اهلا وأدخله إلى منزله و عرّفه اسامة على زوجته وأبنائه، فقدم لهم احمد سلّةً مليئة بالفاكه الطيبة، هدية منه لهم بسبب هذه هذه الدعوة .

قدّمت زوجة النّجار إسامة لضيفها على عادة أهل قرى العراق المعروفين بالكرم والضّيافة شراب البرتقال، ثم قدمت له الشاي . وجلس إسامة يتحدث مع ضيفه بسعادة وإحترام، بعد أن أوصی زوجته أن تحضر للضيف وللاسرة غداء فاخرا ، فذهبت الزوجة وذبحت دجاجات البيت الاربعة لطبخها بتنظيم ولتقدّم للضيف  وللاسرة أشهي ما عندها في هذه المناسبة.

نظفت زوجة إسامة الدجاجات، ثم حشتها بالخضروات و اللحم المثروم والتين، ووضعتها في الاناء على النّار، ولما انتصف النهار ونضج الغذاء، هيأت الزوجة المائدة ثم دعت الضيف والزوج والأولاد إلى الجلوس حول المائدة لتناول الطعام، جلس أفراد الاس ة السعيدة وضيفهم حول المائدة، فنظر احمد الضيف إلى الجاجات فوجدها اربعة بينما عدد الأكلِين ستة، فقال لصاحب البيت: كيف ستقسم هذه الدجاجات ؟

أجاب إسامة النّجار ضيفه: قسّمها كما تحب، فأنت الضيف الطيب وصاحب الأمر. قال الضيف: إذن أنا أخيّركم، بين تقسيمها بالزوج أم بالفرد، وهو يعني بالزوج، الأعداد التالية: إثنان، أربعة، ستة ، … ويعني بالفرد، الأعداد التالية: واحد، ثلاثة، خمسة ، سبعة…

أجاب الكل : “قسمها بالزوج أيها الضيف الطيب ” قال الضيف احمد : ليجلس محمد وحيدرقرب والدهما، ولتجلس رقية قرب والدتهاوعندما جلس الجميع كما أشار احمد، وأصبح هو في وسط المجموعتين ، قال احمد: “أنت يا سيد إسامة وولداك محمد و حيدر، ودجاجة، تصبحون أربعة بالزّوج. وأنت يا سيدتي وابنتاك رقية ، ودجاجتان، تصبح أربعة بالزوج كذلك. وأنا ودجاجة نصبح اثنان بالزّوج أيضا”.

فرفض الجميع وقالوا: “لا، لا نريد هذا التقسيم، نرجو أيها الضيف الطيب أن تعود إلى التقسيم من جديد وتقسمها بالفرد.
قال احمد : لا مشكلة، سأعود وأجعل القسمة بالفرد كما تحبون، إسامة ومحمد ودجاجة يصبحون ثلاثة بالفرد، زوجة إسامة  وحيدر ودجاجة يصبحون ايضا ثلاثة بالفرد، هدى ودجاجتان ثلاثة كذالك، وأنا ودجاجتان نصبح ايضا ثلاثة بالفرد.

تناول الضّيف احمد الدّجاجتين ووضعهما أمامه وتناولهما. وهكذا اضطُرّ صاحب المنزل وزوجته وأبنائه أن يقنع كل منهم بنصفِ دجاجة بعد هذه التقسيم الباطل من ضيفٍ طمّع ، بعد أن عاد هذا الضيف الطماع إلى اهله، نظر إسامة النجار إلى زوجته وأبنائه وقال:

” هذه الطريقة التي اتبعها ضيفنا في أخذ أكبر حصة له، تُسمى طمع . ونحن لا يجوز أن ناسف لذلك، فهو ضيفنا، ولكن علينا أن لا نلجأ إلى مثل اسلوبه في حياتنا، فالطّمع مكروه من جميع  الطيبين، وصاحبه غير محبوب جدا.
فرح الابناء كثيراً من قول والدهم، ووعدوا بألا يكونوا في حياتهم من الطمعين ، كما ضحكوا من عمل هذا الضيف الطّماع.``